انخفاض الحيوانات المنوية تعتبر إحدى المشكلات الصحية المهمة التي تؤثر على خصوبة الرجل وقدرته على الإنجاب.
في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه المشكلة شائعة بشكل متزايد، مما يثير القلق بشأن تأثيرها على الصحة العامة والقدرة على الإنجاب.
في هذا المقال، يوضح الدكتور بلال أبو زايد أخصائي الكلى والمسالك البولية وأمراض الذكورة والعقم لدى الرجال الأسباب المحتملة لانخفاض عدد الحيوانات المنوية، وطرق تشخيص هذه الحالة، بالإضافة إلى استراتيجيات العلاج المتاحة.
ما المقصود بـ انخفاض الحيوانات المنوية؟
انخفاض الحيوانات المنوية يشير إلى حالة يكون فيها عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي أقل من المعدل الطبيعي.
يُعتبر العدد الطبيعي للحيوانات المنوية في السائل المنوي أكثر من 15 مليون حيوان منوي لكل ملليلتر، ولكن عندما ينخفض هذا العدد إلى ما دون هذا المستوى، قد يُواجه الشخص صعوبة في الإنجاب.
ما مدى شيوع انخفاض الحيوانات المنوية؟
لا يعرف إلى الآن على وجه اليقين عدد الأشخاص الذين يعانون من قلة الحيوانات المنوية، حيث أنه لا يتم تشخيص هذه الحالة عادة إلا إذا كان الزوجان يحاولان الحمل ولكنهما لا يستطيعان.
ما هي أسباب انخفاض الحيوانات المنوية؟
انخفاض عدد الحيوانات المنوية قد يكون ناتجًا عن مجموعة متنوعة من الأسباب التي تؤثر على إنتاج وجودة الحيوانات المنوية.
تشمل الأسباب الرئيسية:
الأمراض والمشكلات الصحية
تشمل بعض الأمراض التي يمكن أن تسبب انخفاض عدد الحيوانات المنوية ما يلي:
- الحالات الوراثية: مثل متلازمة كلاينفيلتر والتليف الكيسي.
- التهابات الجهاز التناسلي: مثل التهاب البروستاتا أو التهاب البربخ أو التهاب المسالك البولية.
- الاضطرابات الهرمونية: اختلالات في مستويات الهرمونات، مثل هرمون التستوستيرون.
- الأمراض المنقولة جنسيًا: مثل السيلان وفيروس نقص المناعة البشري.
- دوالي الخصية: هي حالة طبية تحدث عندما تتوسع الأوردة في كيس الصفن، مما يؤدي إلى تجمع الدم في هذه الأوردة بدلاً من تدفقه بشكل طبيعي.
- الانسدادات وهي حالات يتم فيها انسداد أو حظر القنوات أو الممرات التي تسمح للحيوانات المنوية بالخروج من الجسم، قد تشمل الانسدادات:
- انسداد في القنوات الناقلة للحيوانات المنوية.
- انسداد في قنوات القذف.
- انسداد في المسالك البولية.
العوامل البيئية
تشمل ما يلي:
- التعرض للسموم: التعرض للمواد الكيميائية الضارة أو المعادن الثقيلة قد يؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
- الإشعاع: التعرض للإشعاع أو العلاج الإشعاعي قد يؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
نمط الحياة والعادات الشخصية
قد تؤدي بعض العادات الخاطئة إلى انخفاض إنتاج الحيوانات المنوية، وقد تشمل هذه العادات:
- قضاء وقت طويل في أحواض المياه الساخنة.
- التدخين أو استهلاك منتجات التبغ الأخرى.
- الكحول والمخدرات.
- السمنة.
- التوتر النفسي والقلق.
العلاجات الطبية والأدوية
قد تؤثر بعض العلاجات على جودة وكمية الحيوانات المنوية، مثل:
- العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي.
- الأدوية، مثل:
- هرمون التستوستيرون.
- الميثادون.
- نتروفورانتوين.
- لاموتريجين.
- كلوميبرامين.
- باروكستين.
- بريدنيزون.
ما هي العلامات التي تشير إلى انخفاض الحيوانات المنوية؟
العلامة أو العرض الرئيسي لانخفاض عدد الحيوانات المنوية هو عدم القدرة على إنجاب طفل بعد عام واحد من الزواج ( والمقصود بذلك عدم القدرة على الحمل رغم المحاولات المستمرة).
ويجدر بالذكر أن علامات انخفاض عدد الحيوانات المنوية قد لا تكون دائمًا واضحة، ولكن يمكن أن تشمل الأعراض التالية:
- تغيرات في السائل المنوي، مثل: انخفاض كمية السائل المنوي أثناء القذف أو تغير في لونه أو قوامه.
- ضعف في الانتصاب أو القذف بشكل طبيعي.
- ألم أو تورم في كيس الصفن.
- انخفاض الأداء الجنسي.
- المعاناة من حالات صحية مثل الدوالي أو التهابات في الجهاز التناسلي.
إذا كانت لديك أي من هذه العلامات أو الأعراض، يُنصح بزيارة الطبيب لتقييم الحالة بشكل دقيق وتحديد الأسباب المحتملة.
كيف يتم تشخيص انخفاض الحيوانات المنوية؟
تشخيص انخفاض عدد الحيوانات المنوية يتم من خلال مجموعة من الفحوصات والإجراءات الطبية التي تهدف إلى تحديد السبب الدقيق وراء المشكلة.
تشمل طرق التشخيص الرئيسية ما يلي:
مراجعة التاريخ الطبي
يشمل ذلك النظر في التاريخ الصحي العام، أي حالات مرضية سابقة، وتناول الأدوية، والعادات الحياتية، وأي أعراض متعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية.
الفحص البدني
يمكن للطبيب إجراء فحص بدني لكيس الصفن والخصيتين للكشف عن أي مشكلات مثل التورم أو الألم أو دوالي الخصية.
تحليل السائل المنوي
يتم جمع عينة من السائل المنوي وتحليلها في المختبر لتقييم عدد الحيوانات المنوية، حركتها، وشكلها.
ويجدر بالذكر أن هذا هو الاختبار الأساسي لتشخيص انخفاض عدد الحيوانات المنوية.
فحص البول للتحقق من القذف الرجعي
تحليل البول فحص مهم يُستخدم لتشخيص القذف الرجعي، وهي حالة يحدث فيها انتقال الحيوانات المنوية إلى الخلف داخل المثانة بدلاً من الخروج من الجسم أثناء القذف.
هذا الاختبار يمكن أن يكون جزءًا من تشخيص انخفاض عدد الحيوانات المنوية عندما يُشتبه في وجود هذه الحالة.
فحص الهرمونات
يتضمن قياس مستويات الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون وهرمونات الغدة النخامية (مثل FSH وLH) التي تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
التصوير بالموجات فوق الصوتية
قد يستخدم الأطباء الموجات فوق الصوتية لتصوير الخصيتين وكيس الصفن للكشف عن أي انسدادات أو مشكلات هيكلية.
اختبارات جينية
في حالات معينة، يمكن أن تكون هناك حاجة لاختبارات جينية للكشف عن تشوهات كروموسومية قد تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
طرق علاج انخفاض الحيوانات المنوية
هناك عدة طرق للتعامل مع هذه المشكلة، يذكرها لك الدكتور بلال أبو زايد فيما يلي:
علاج السبب الأساسي
علاج انخفاض عدد الحيوانات المنوية يعتمد على السبب الأساسي للحالة، على سبيل المثال:
إذا كانت المشكلات مثل داء السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو دوالي الخصية هي السبب، فإن علاج هذه الحالات يمكن أن يحسن عدد الحيوانات المنوية.
الأدوية والعلاجات الطبية
في بعض الحالات، يمكن أن يُوصى باستخدام أدوية، مثل:
- الأدوية الهرمونية لتصحيح مستويات الهرمونات التي تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.
- المضادات الحيوية لعلاج العدوى.
- أدوية لعلاج مشاكل مثل ضعف الانتصاب أو القذف المبكر .
الإجراءات الجراحية لعلاج انخفاض الحيوانات المنوية
يمكن ذكرهم كما يلي:
علاج دوالي الخصية بالجراحة التقليدية
يتم إجراء شق في منطقة الخصية لإزالة الأوردة المتضخمة أو ربطها، وبهذا يتم التخلص من دوالي الخصية.
هذه الطريقة تهدف إلى تحسين تدفق الدم إلى الخصيتين، مما قد يساعد في تعزيز إنتاج الحيوانات المنوية.
علاج دوالي الخصية بالمنظار
تُستخدم أدوات صغيرة وكاميرا صغيرة لإجراء الجراحة عبر شقوق صغيرة، هذه الطريقة غالباً ما تكون أقل ألماً وتساعد على استعادة الوظيفة بشكل أسرع.
علاج انسدادات القنوات من خلال إجراء الجراحة التصحيحية
إذا كانت هناك انسدادات في القنوات التي تنقل الحيوانات المنوية (مثل القناة الدافقة)، قد يكون من الضروري إجراء عملية جراحية لإزالة الانسداد واستعادة تدفق الحيوانات المنوية إلى القنوات.
علاج انسدادات القنوات بالمنظار
في بعض الحالات، قد يتم استخدام تقنيات بالمنظار لتصحيح الانسدادات، مما يسمح بإجراء العلاج من خلال شقوق صغيرة وتقليل فترة التعافي.
التقنيات المساعدة على الإنجاب
مثل:
- الإخصاب في المختبر (IVF): في الحالات التي لا تتحسن فيها الحالة، قد تكون تقنيات مثل الإخصاب في المختبر خيارًا لمساعدة الأزواج على تحقيق الحمل.
- حقن الحيوانات المنوية في البويضة (ICSI): تقنية تستخدم لتحسين فرص الحمل عن طريق حقن حيوان منوي واحد مباشرة في البويضة.
إجراء التغييرات في نمط الحياة
يوصي الطبيب باتباع نمط حياة صحي للحفاظ على جودة الحيوانات المنوية، وقد تشمل هذه التغييرات:
- تحسين النظام الغذائي: تناول نظام غذائي متوازن يحتوي على العناصر الغذائية المهمة مثل الزنك، السيلينيوم، وفيتامينات A وC وE يمكن أن يدعم صحة الحيوانات المنوية.
- الإقلاع عن التدخين: التدخين يمكن أن يؤثر سلبًا على عدد الحيوانات المنوية، لذا فإن الإقلاع عنه يمكن أن يكون مفيدًا.
- تقليل الكحول: تقليل أو تجنب تناول الكحول يمكن أن يحسن صحة الحيوانات المنوية.
- ممارسة الرياضة بانتظام: النشاط البدني المعتدل يمكن أن يساعد في تحسين صحة الحيوانات المنوية.
- الحد من التوتر: التوتر يمكن أن يؤثر سلبًا على مستويات الهرمونات وصحة الحيوانات المنوية، لذا فإن إدارة التوتر بطرق صحية قد تكون مفيدة.
في الختام، يُعتبر انخفاض عدد الحيوانات المنوية مشكلة طبية قد تؤثر بشكل كبير على الخصوبة والقدرة على الإنجاب.
ويشمل العلاج الناجح تحديد السبب الأساسي للمشكلة وعلاجها بطرق متقدمة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحسين الحالة من خلال تغييرات في نمط الحياة والعلاج الطبي.
تذكّر أن استشارة أطباء متخصصين واتباع خطط العلاج المناسبة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على تحسين الصحة الإنجابية وزيادة فرص النجاح في تحقيق الأهداف الشخصية والعائلية.
المصادر:
- Professional, C. C. M. (n.d.-u). Oligospermia (Low sperm count). Cleveland Clinic. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/22477-oligospermia-low-sperm-count
- Low sperm count – Symptoms and causes – Mayo Clinic. (2022, December 17). Mayo Clinic. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/low-sperm-count/symptoms-causes/syc-20374585